أنت مدهشة يا هديل!                                                                

بقلم هديل مقدادي

قد يبدو عالم الطفولة عالمًا مليئًا بالألوان والأحلام الوردية فقط، لكنه في الحقيقة عالم ملئ بالتحديات وإثبات الذات.

في طفولتي كنت أكره مادة الرياضيات وكنت أعتبرها العقدة الوحيدة في حياتي، وما زلت أذكر أنني كنت أمرض مرضًا شديدًا قبل الامتحان النهائي في مادة الرياضيات. و كانت كل محاولاتي الجادة للحصول على معدل مرتفع فيها تبوء بالفشل.

صرت أشعر بأنني لست على مستوى التحدي وبالرغم من إصرار والدي على تمتعي بالذكاء والقدرة على التحصيل المتفوق، كنت قد بدأت أفقد ثقتي في نفسي ووصلت إلى القرار التالي: لا أستطيع فهم الرياضيات…ربما أنا غبية!

ولم تفك عقدتي إلا على يد معلمة أشعرتني بأنني ذكية وأن المشكلة الرئيسية ليست إلا في خوفي من تقديري لنفسي، واستمرت بتشجيعي ووضعت يدها على مكامن القوة عندي ومنذ ذلك الوقت لم تعد تخيفني المسائل الرياضية المعقدة أو الطويلة وأصبحت أثق بقدرتي على مواجهة أي شيء صعب وأحترم نفسي حتى لو وقعت في الخطأ لمجرد أني حاولت.

ومع ذلك ليس من الضروري أن يمر الأطفال بمثل هذه التجربة كي يثقوا بقدراتهم ومهاراتهم. فمن أهم ملامح تقدير شخصية الطفل السوية سعادته بمحيطه وشعوره بالتميز لدى عائلته.

ومن القصص التي سلطت الضوء على تقدير وتعريف الذات عند الأطفال  قصة “أنا مدهشة “من سلسلة الحلزونة للكاتبة “تغريد النجار” ورسومات “لجينة الأصيل”، وفيها تعبر بطلة القصة “جود” بتلقائية عن  تنوع الأدوار التي تقوم بها في حياتها وتنقل بدورها شعورها بالفرح إلى القارئ الصغير.

وبالرغم من أن كل واحد فينا يشبه جود في كل ماتقوم به، إلا أن القصة ببساطتها تجعل الطفل يقف لدقيقة ويتأمل في نفسه، ويكتشف كنزه الثمين بنفسه، ويقدّر معنى أن يكون ابنًا وأخًا وحفيدًا وصديقًا ويشعر بالفخرلأنه يمتلك هذا كله مما يعمّق تقديره لذاته وشعوره بأنه مهم عند عائلته وأصدقائه.

“أنت مدهشة” يا هديل ! ربما كان هذا ما انتظرت سماعه من معلمتي أو ربما كان ينقصني أن أثق بأنني مدهشة  لأن في جعبتي الكثير من محبة ودعم العائلة والأصدقاء.

هديل مقدادي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) ليقدم لك تجربة تصفح أفضل. من خلال تصفح هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.