بقلم: هديل مقدادي
عندما كنا صغارًا كنا ننتظر شهر رمضان بفارغ الصبر، لم يكن يعني لنا هذا الشهر إثبات قدرتنا على التحمل للكبار فحسب، بل كان يعني بداية تغير طقوس حياتنا اليومية، هذه الطقوس التي كنا نستمتع بكل تفاصيلها من بداية اليوم وحتى السحور.
وعندما يهل هلال العيد، نحضّر ملابسنا الجديدة وأحذيتنا اللامعة ونسهر ليلنا الطويل بانتظار خطوط الفجر الأولى. لم يكن العيد مجرد حلوى وكعك ومعمول، ولم يكن مجرد أراجيح خشبية تنصب في الشوارع والأحياء، ولم يكن مجرد اجتماع عائلي رسمي. بل كان محبة ومودة، طفولة تنتظر القمر الذي سيعلن قدوم زائر محمل بكل ما نصبو إليه، اجتماع عائلي حميم، شيء ما كان ينتشر في الجو يزيدنا رقة ومحبة.
يرى المتخصصون في شؤون الطفل أن احتفال الآباء بشتى المناسبات الاجتماعية له أثر كبير في تنشئة الطفل وتربيته بشكل إيجابي، ومن هذه الفوائد ما يلي:
-المناسبات الاجتماعية تخلق هوية للطفل وتحددها.
-تجعل الطفل قادرًا على التكيف مع الحياة والمناسبات المختلفة.
-تقوّي روح الجماعة وتزيد من تماسك الروابط الأسرية.
-تساهم في استقرار الصحة العقلية والنفسية للطفل وتجعله أكثر سعادة.
-تعتبر متنفسًّا للّعب والمرح.
-يدرك الطفل قيمة المتعة الحقيقية التي تجلبها هذه المناسبة فيرتبط بها حتى عندما يكبر تظل في ذاكرته إلى الأبد.
-تطوير الاحتفال بالمناسبات الاجتماعية تقرب الطفل من روح العصر مع الاحتفاظ بهويته.
تتناول بعض قصص الأطفال هذه المناسبات الاجتماعية بطريقة جذابة، حيث تفتح للطفل نافذة تطل على جذوره وعاداته وتقاليده وتطلق العنان لخياله كي يقوم بتطوير هذه المناسبات بطريقة عصرية. من المهم ألا يستسلم كتّاب أدب الطفل إلى تسارع دقات الحياة وسباقها السريع الذي يكاد يلغي كل أثر لتراثنا، فالطفل الذي يستخدم التكنولوجيا الحديثة يتوق لمعرفة الكثير عن جده وجدته، وسيجد نفسه فخورًا لمعرفته بأنه يمتلك شيئًا مختلفًا عمّا يراه يوميًّا في وسائل الإعلام. قد يحب الطفل ركوب الحصان الحقيقي أكثر بكثير من مجرد تحريك حصان في لعبة إلكترونية.
وأخيرًا فإن الاحتفال بأي مناسبة اجتماعية أو دينية أو تراثية يعبّر عن أواصر المحبة التي تجمع الأشخاص الذين يشاركون بعضهم بعضًا هذه اللحظات، ويعزز انتماء الطفل إلى محيطه، ويخلّد في ذاكرته المناسبة بأحلى صورها.