للكاتبة تغريد النجار
يقبل الكثير من الأطفال على قراءة القصص المرعبة ومشاهدة الأفلام المخيفة على التلفاز والتي كلما حفلت بالأحداث المخيفة كانت أفضل بنظرهم. وهذا الموضوع ليس بجديد فالحكايات الشعبية في جميع الثقافات تتناول مواضيع مخيفة. ومن أهم مصادر قصص الرعب المعروفة عالمياً حكايات “الأخوين جريم” والتي برعت في إظهار مشاعر الخوف المختبئة في لاوعي الأطفال، مثل مشاعر الخوف الناتجة من تخلي الوالدين عن الأطفال، ومشاعر الخوف من زوجة الأب الشريرة، أو مشاعر الخوف من العملاق الذي يأكل الأطفال…إلخ. في تراثنا العربي أيضاً الكثير من القصص الشعبية المتوارثة عن الغيلان المتعطشة للدماء، والتي كانت تستخدم من قبل الأهل للسيطرة على الأطفال وجعلهم يتبعون إرشاداتهم.
يتفق جميع الآباء والأمهات -وأنا واحدة منهم- على أن قصص الرعب سيئة للأطفال. ليس هناك شك في أن الأطفال الذين لم يبلغوا الثامنة بعد شديدو الحساسية وسيتأثر الكثير منهم بمشاهدة الأفلام المرعبة بحيث يظهر هذا التأثر على شكل كوابيس، أو تبول لاإرادي ليلي، أو قلق مَرَضيّ. أما الأطفال الأكبر سناً فيجدون شيئا من الإثارة في التعرض للرعب وبعضهم قد يسعى لهذا النوع من الإثارة.
و من الجدير بالاهتمام التعمق في بحث الأسباب التي تدعو الأطفال -وخاصة الخجولين والانطوئيين منهم- إلى الانجذاب للمواضيع المرعبة.
على الصعيد الشخصي، فقد كانت إحدى بناتي وهي لا تزال في العاشرة من عمرها تصر على قراءة القصص المرعبة ومشاهدة أفلام الرعب. كانت غريزتي الأولية كأمّ تحدثني بأن أمنع هذا، ولكنّي بدأت أفكر بحاجة ابنتي التي تدفعها لمثل هذا التوجّه، وتوصلت إلى قناعة خاصة وهي أنها كانت تستخدم قصص الرعب كوسيلة للتعامل مع مشاعر الخوف والقلق في حياتها. يبدو أنها كانت بشكل ما تواجه مخاوفها في الحياة اليومية وأيضاً مخاوفها في اللاوعي عن طريق هذه القصص والأفلام، كأنّ هذه القصص كانت عامل تنفيس لها عن مخاوفها الحقيقية. يشبه الأمر لحد كبير حاجتنا لمشاهدة أفلام حزينة تبعثنا على ذرف الدموع بغزارة لنشعر بعد ذلك بالراحة والسرور.
لعل البذرة الأولى لقصة “في ليلة مظلمة” كانت قد غُرست آنذاك. إنها ليست قصة رعب كما قد يوحي الاسم، ولكنها تتعامل مع تداعيات مشاهدة أفلام الرعب.
في القصة تقنع “جمانة” أختها الصغيرة “جود” بمشاهدة فيلم رعب معها. بعد أن تأخذ البنتان في القفز والشهيق والاحتماء ببعض يشطح خيالهما بهما، فتريان وحشاً ضخماً يخربش بمخالبه شباك المطبخ. ثم تكتشف البنتان أن هذا الوحش ليس إلا قطهما “ميلو”.