لا تخف يا بني…أنت في أمان

بقلم: هديل مقدادي

 

“ماما، عندما أكبر لن أذهب إلى الجامعة “عبارة أخبرني ابني الصغير بها عندما كان في الثالثة من عمره، وعندما سألته عن السبب

أجابني أنه يخشى أن يضيع عن البيت ولايعرف كيف سيعود إليه.

أجبته بابتسامة: “لا تخف ياحبيبي، ستكون كبيرًا في ذلك الوقت وستعرف الطريق جيدًا” !

يبدأ الخوف عند الأطفال في مرحلة مبكرة من العمر وهو شئ طبيعي ومرحلة من مراحل النمو النفسي.

تختلف مسببات الخوف وأنواعه عند الأطفال وتتدرج، فما يخاف منه الطفل في الثانية من عمره يختلف عما يخاف منه الطفل في السادسة مثلاً. ويرى الباحثون أن أسباب الخوف تتغير وتتطور بسبب تطور مخيلة الأطفال وتعرفهم على العالم المحيط بشكل أكبر كلما زادت أعمارهم. أحيانا يبالغ الطفل في إظهار الخوف للفت نظر الوالدين بسبب قدوم مولود جديد للأسرة أو لأنه بحاجة إلى الحب والحنان.

تتنوع درجات الخوف وتتفاوت أشكاله ولكن الخوف الذي يسيطر على الأطفال في عمر 2-3 سنوات الخوف من الظلام والوحوش، كما يخاف بعض الأطفال من الحديث عن المرض والموت. وإذا أمعنا النظر وفكرنا في سبب الخوف من الظلام مثلاً نجد أن ذلك يرتبط أحيانًا بما يرويه الكبار من قصص مخيفة عن الأشباح التي تظهر ليلاً أو بتهديد الأطفال بـ “أبو كيس” الذي يأتي ليضع الأطفال الذين لا ينامون باكرا في كيسه…وهو يتجول ليلا وفي الظلام.  وهنا يجب على الأهل أن لا يسخروا من مخاوف الطفل أو يقللوا من شأنها لأنها قد تصبح هاجسًا خطيرًا ينقلب إلى كوابيس أو أمراض نفسية.

يخاف الطفل أيضًا من أن يتوه أو أن يضيع عن والديه وما يبرر هذا الخوف شعوره بأنه ضعيف وغير قادر على تدبر أموره وحده.

فبالرغم من رغبة الطفل باكتشاف العالم من حوله إلا أنه يشعر في قرارة نفسه أنه يحتاج إلى الحماية من الكبار وخاصة والديه وهذه بعض النصائح التي يمكن أن نتبعها لندل أطفالنا على التصرف السليم في حالة ضياعهم لا قدر الله عن الأهل:

–      يجب على الوالدين أن يعلما ابنهما أن يلفظ اسمه كاملا مع اسم العائلة بوضوح أو أن يكتبه بطريقة صحيحة.

–      التأكيد على الطفل عند الخروج إلى الأماكن العامة على ألا يبتعد عن عائلته ويبقى قريبا منها، وإذا لفت نظره شيء ما أن لا يذهب وحده ليراه بل يخبر أحد الوالدين.

–      إذا وجد الطفل نفسه وحيدًا وقد فقد أثر والديه، يجب ألا يترك المكان فالاحتمال الأكبر أن تعود الأم إلى نفس المكان

–      إذا ضاع الطفل في مركز كبير للتسوق يجب أن يلجأ إلى أحدالموظفين ليخبره بالمشكلة لا إلى المتسوقين أو العابرين

–      يجب على الوالدين أن يحفّظا ابنهما رقم الهاتف الجوال للوالدين ورقم المنزل الخاص بالعائلة.

–      تجنب الأماكن المزدحمة جدًا مع وجود الأطفال الصغار.

–      ومع التقدم الهائل في التقنية والتكنولوجيا تم اختراع “الإسوارة الإلكترونية” حيث يتم وضع إسوارة في يد الأم وتوضع أخرى في يدالطفل ويكون بينهما كود مشترك وعند خروج أحدهما من المول دون الآخر تصدر رنينًا ينبه الأم لذلك.

–      من المفيد طرح الموضوع عن طريق قراءة قصة تسلط الضوء على مشكلة ضياع الأطفال من أهلهم، كما في قصة “ضاع عمر” للكاتبة “تغريد النجار”  والتي من خلالها نعطي الفرصة للطفل كي يضع نفسه مكان الطفل الضائع ثم نستدرجه للتفكير والحكم على عدة قضايا كالتحدث مع الغرباء مثلاً وبعدها نعطيه الفرصة ليضع الحلول المناسبة للمشكلة وليكتشف الشخص المناسب لمساعدته.

وفي النهاية لا بد أن نكون قريبين من أطفالنا ولا نزيد من مخاوفهم أو نستصغرها ونزوّدهم بذخيرة من الشجاعة اللازمة كي يعبروا إلى شط الأمان ويواجهوا مصاعب الحياة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) ليقدم لك تجربة تصفح أفضل. من خلال تصفح هذا الموقع ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.